أهدت جارية من جواري المأمون تفاحة له وكتبت إليه:
إلى أمير المؤمنين لما رأيت تنافس الرعية في الهدايا إليك , وتواتر ألطافهم عليك
فكرت في هدية تخف مؤنتها وتهون كلفتها ويجل موقعها ..فلم أجد ما يجتمع فيه
هذا النعت إلا التفاح , فأهديت إليك منها واحدة في العدل , كثيرة في التصرف,
وأحببت يا مولاي أن أعرب لك عن فضلها , وأكشف لك عن محاسنها وأشرح لك
عن لطيف معانيها , ومقالة الأطباء فيها, حتى ترمقها بعين الجلالة وتلحظها بمقلة
الصيانة فقد قال أبوك الرشيد:
أحسن الفاكهة التفاح , اجتمع فيه الصفرة الدرية والحمرة الخمرية , والشقرة الذهبية
وبياض الفضة ولون التبر. تلذ بها منها الحواس العين ببهجتها والأنف بريحها والفم بطعمها
فإن وصلت إليك يا أمير المؤمنين فتناولها بيمينك واصرف اليها يقينك , وتأمل حسنها بطرفك
ولا تخدشها بظفرك ولا تبعدها عن عينيك ولا تبذلها لخدمك ...فإن طال لبثها عندك ومقامها
بين يديك وخفت أن يرميها الدهر بسهمه فيذهب بهجتها ويحيل نضرتها فكلها هنيئا مريئا
والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته, فقال المأمون : احملوا إليها كل ما أهدي
إلينا في هذا اليوم........